( فأجآءها المخاض ) المراد به
فأجاءها المخاض: معنى هذه العبارة في سياق الآيات القرآنية
المقدمة
فأجاءها المخاض عبارة ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم لوصف حالة السيدة مريم عليها السلام عندما حان موعد ولادتها للسيد المسيح عليه السلام. تحمل هذه العبارة الكثير من المعاني والدلالات التي سنتناولها بالتفصيل في هذا المقال.
أولاً: سبب استخدام صيغة “أجاء”
استخدم الله تعالى صيغة “أجاء” للإشارة إلى المفاجأة والسرعة التي حدث بها المخاض للسيدة مريم عليها السلام، فقد جاء في الآية الكريمة: “فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة” (مريم: 23). وهذا يدل على أن المخاض جاءها على حين غرة ودون سابق إنذار.
ثانيًا: حالة السيدة مريم عليها السلام لحظة المخاض
كانت السيدة مريم عليها السلام في حالة من الخوف والوحدة عندما جاءها المخاض، فهي امرأة عزباء لم يمسسها بشر، وقد ابتعد عنها أقاربها بسبب حملها الذي لم يكن له سبب ظاهري. ولذلك، لجأت إلى جذع النخلة، وهي تبكي وتتمنى الموت.
ثالثًا: معجزة المخاض بدون ألم
من أهم معجزات المخاض الذي حدث للسيدة مريم عليها السلام أنه كان مخاضًا بدون ألم، وهذا أمر غير طبيعي في حالات الولادة، حيث تعاني النساء من آلام شديدة أثناء المخاض. ولكن الله تعالى سخر هذه المعجزة للسيدة مريم عليها السلام، حتى لا تشعر بالآلام التي تصاحب الولادة المعتادة.
رابعًا: ولادة السيد المسيح عليه السلام
بعد أن انتهى المخاض، ولدت السيدة مريم عليها السلام السيد المسيح عليه السلام تحت جذع النخلة، وجاء في الآية الكريمة: “فهزت الجذع سقط عليها رطباً جنياً” (مريم: 25). وهذا يدل على أن ولادة السيد المسيح عليه السلام كانت أيضاً معجزة، فقد هزت السيدة مريم عليها السلام جذع النخلة، فتساقط عليها الرطب الجني، وهو الرطب الطازج الذي لم ينضج بعد.
خامسًا: إثبات براءة السيدة مريم عليها السلام
عندما عادت السيدة مريم عليها السلام إلى قومها ومعها طفلها حديث الولادة، اتهموها بالزنى، ولكن الله تعالى أرسل إليها الملاك جبريل عليه السلام، وأوحى إليها أن تشير إلى الطفل، فإذا سألوها عنه، تقول: “إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً” (مريم: 26). فتكلم الطفل في المهد وقال: “إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبياً” (مريم: 30). فأثبت الله تعالى براءة السيدة مريم عليها السلام، وأظهر معجزة ولادة السيد المسيح عليه السلام.
سادسًا: الفوائد المستنبطة من قصة فأجاءها المخاض
هناك العديد من الفوائد والمواعظ المستنبطة من قصة فأجاءها المخاض، من أهمها:
قوة إيمان السيدة مريم عليها السلام وثقتها بالله تعالى.
أن الله تعالى قادر على خلق معجزات خارجة عن نطاق الطبيعة المألوفة.
أن الله تعالى يقف إلى جانب عباده المتقين وينصرهم.
أن المعجزات الإلهية يمكن أن تحدث حتى في الأماكن النائية والظروف الصعبة.
أن الإيمان بالله تعالى يمنح الإنسان القوة والسكينة في مواجهة الشدائد.
الخلاصة
إن عبارة فأجاءها المخاض تحمل الكثير من المعاني والدلالات التي تؤكد على قدرة الله تعالى وعظمته، وإيمان السيدة مريم عليها السلام وثقتها به. كما أن هذه القصة تعد مصدرًا للعظة والفائدة لكل المسلمين، فهي تذكرهم بأن الله تعالى قادر على خلق المعجزات، وأن الإيمان بالله تعالى يمنح الإنسان القوة والسكينة في مواجهة الشدائد.