( يعد الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل قدوة لنا لما يتصف به من الصفات الحسنة صح أم خطأ )
يعد الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل قدوة لنا لما يتصف به من الصفات الحسنة صح أم خطأ؟
يعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم خير قدوة وأفضل مثال يُحتذى به ليس للمسلمين فحسب، بل لجميع الناس في جميع الأزمنة والأماكن، فقد أرسله الله رحمة للعالمين، وقد تميز بالعديد من الصفات الحسنة التي تجعله قدوةً لنا في كل أمورنا، سواء في العبادات والمعاملات أو الأخلاق والآداب.
1. الصدق والأمانة
كان الرسول صلى الله عليه وسلم معروفًا في قومه بالصدق والأمانة، حتى أنه سُمي بالأمين قبل أن يأتي بالرسالة، وقد كان يوفي بعهوده ووعوده، ولا يخلف وعدًا قط، وكان صادقًا في أقواله وأفعاله، ولم يُعرف عنه الكذب أو الغدر، وقد قال عنه ربه في كتابه الكريم: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ.
ومن شواهد صدقه أنه لما هاجر إلى المدينة وقابل الأنصار، قال لهم: “فأعينوني بنصف ثمر المدينة وأنا عامل لكم”، فوافقوا، فكان يعطيهم النصف، ويأخذ النصف، فلما جاءت السنة الثانية، قال لهم: “اعملوا ثمركم أنتم، وليس لي فيه شيء”، فقالوا: ما كنا لنأخذ شيئًا ولا ندعك، حتى ننظر ما تصنع، فنعمل عملك بعينك، ونأكل معك، فلما رأى إصرارهم، قال: “فإني قد رضيت بما صنعتم، وجعلت ثمرها لكم”.
أما عن أمانته، فقد كان يحفظ الأمانات ويؤديها إلى أصحابها، ولم يترك أمانة قط حتى يؤديها، وقد قال عنه أبو جهل، وكان من أشد أعدائه: “ووالله إن محمدًا لأمين، وإن كان كاذبًا في قوله، فما عرفنا كذبًا قط”.
2. الشجاعة والإقدام
كان الرسول صلى الله عليه وسلم شجاعًا مقدامًا، لا يخشى في الله لومة لائم، فقد واجه أشد الأعداء وأقسى الظروف بثبات وإقدام، ولم يتراجع عن مواقفه أبدًا، وقد كان في غزوة بدر أحد عشر مقاتلًا من المشركين، في مقابل ثلاثمائة وثلاثة عشر من المسلمين، ومع ذلك لم يخشَ الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: “اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تُعبد في الأرض أبدًا”.
ومن شواهد شجاعته أيضًا أنه لما دخل مكة يوم الفتح، ألقى أبو سفيان مفتاح الكعبة إليه، وقال له: “خذها يا ابن أخي، فما كنتُ قط أظن أن الله مخزيك”، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: “بل الله أهانك وأخزاك”.
ولم تكن شجاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في الحروب فقط، بل كانت في كل أموره، فقد كان شديدًا في الحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولم يخفَ من أحد مهما كان جبروتُه وعظم سلطانه.
3. العفو والحلم
كان الرسول صلى الله عليه وسلم حليمًا كثير العفو عند المقدرة، فقد كان يعفو عمن أخطأ بحقه، ويصفح عن المسيئين إليه، وقد قال عنه ربُه جل وعلا: وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى. وقد عفا الرسول صلى الله عليه وسلم عن أهل مكة الذين آذوه وأخرجوه من دياره، وقال وهو يدخلها فاتحًا: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”.
ومن صور حلم الرسول صلى الله عليه وسلم أيضًا أنه لما جاءه عمه أبو طالب في آخر حياته، ودعاه إلى أن يعبد معه اللات والعزى ويترك الإسلام، قال له: “يا عم، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه”.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعفو عن أصحابه إذا أخطأوا بحقه، فقد عفا عن عبد الله بن أبي سلول المنافق الذي كان يؤذي المسلمين ويحرض عليهم، وعفا عن وحشي قاتل عمه حمزة، وعفا عن هند بنت عتبة التي كانت تحرض على قتله.
4. التواضع واللين
كان الرسول صلى الله عليه وسلم متواضعًا لينًا، لا يتكبر على الناس ولا يحتقر أحدًا، فقد كان يجلس مع الفقراء والمساكين، ويأكل معهم، وكان يزور المرضى ويسأل عن أحوالهم، وكان يرد السلام على الصغير والكبير، وكان يمشي وحده في الأسواق، ويحمل أمتعته بنفسه، وكان لا يحب أن يقوم الناس له تعظيمًا.
ومن صور تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لما حج، حج راكبًا وبيده محجن، فلما قضى مناسكه نزل ومعه بعير فأناخه، ثم أخذ محجنه وأخذ ينحره بيده، فقال له أصحابه: دعنا ننحره لك يا رسول الله، فقال: “استعينوا علي، واخفضوا لي جناح الذل، فإني عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد”.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم شديد الرفق بالناس، حتى أنه رُئي يحمل حفيده الحسن بن علي على عاتقه، ويقول: “نعم المركب هذا”.
5. السخاء والجود
كان الرسول صلى الله عليه وسلم جوادًا كريمًا، لا يبخل على أحد، وكان يُقسم ماله على الفقراء والمساكين، وكان ينفق على أقاربه وأصحابه وأهله بغير حساب، وكان لا يأكل وحده، بل كان يجمع الجيران والفقراء معه.
ومن صور سخاء الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لما جاءته غنائم حنين، وزُوجته صفية بنت حيي، اقترض من بعض أصحابه ثلاثة آلاف دينار، وأعطاها إياها، ثم قال: “يا صفية اشتري بها لك ما شئت”.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يسابق إلى أعمال الخير، وكان يُحمل على دابته القدوة كثيرًا من الطعام والشراب، ثم يسمع منادًا ينادي يا أهل البوادي، فيأخذ الطعام والشراب ويحث دابته حتى يلحق بالناس، ويقسم عليهم ما معه.
6. الزهد في الدنيا
كان الرسول صلى الله عليه وسلم زاهدًا في الدنيا، لا يُعيرها أي اهتمام، فقد ترك الدنيا وزينتها، واختار لنفسه العبادة والتقوى، وكان لا يملك إلا رداءً واحدًا، وكان طعامه خبز الشعير والتمر والماء، وكان ينام على حصير من الليف.
ومن صور زهد الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لما قدم عليه وفد من ثقيف، وأهدوا إليه حُللًا وكسوة، لبسها ثم خرج إلى الناس، فلما رأوه قالوا: ما رأينا مثل هذا اللباس قط، فقال لهم: “أو غيره تعجبون؟ أما إنه ليس بخير مما يلبس أهل الجنة”.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بالزهد في الدنيا، ويقول لهم: “ألا وإن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء”.
7. حسن العشرة
كان الرسول صلى الله عليه وسلم حسن المعاشرة، مع أهله وأصحابه وكل من يعرفه، وكان يبتسم في وجوههم، ويتلطف في معاملتهم، وكان لا يسب أحدًا ولا يشتمه ولا يلعنه، وكان يعطي كل ذي حق حقه، ويحسن إلى من أساء إليه.
ومن صور حسن معشر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يغضب إلا لله، فلم يعرفه أهله غاضبًا إلا لله، فإن غضب لله غضبًا شديدًا، وكان إذا غضب أحمر وجهه، وعظمت حدقتاه، وغاظت نفسه، وكان يتغير لونه حتى يصير كالورقة الصفراء.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يمزح