( ولا تستأثر عليهم بشيء يسودوك ) معنى كلمة ( تستأثر ) هو
ولا تستأثر عليهم بشيء
مقدمة
وردت الكثير من الآيات القرآنية الكريمة التي تحث المسلمين على التحلي بالأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة، ومن أبرز هذه القيم التي أمرنا بها الله تعالى في كتابه الكريم هي عدم الاستئثار، فما معنى كلمة (تستأثر)؟ وما هي أشكال الاستئثار المحرمة؟ وما هي أضرار الاستئثار وكيف نتجنبها؟
معنى كلمة (تستأثر)
إن كلمة (تستأثر) هي فعل أمر مشتق من جذر “أثر” وتعني الانفراد بشيء ومنع الآخرين منه، ويُقصد بها في الآية الكريمة “ولا تستأثر عليهم بشيء” عدم الانفراد بخير الدنيا ومنع الآخرين من الانتفاع به.
أوجه الاستئثار المحرمة
هناك العديد من الأشكال التي يتجلى فيها الاستئثار المحرم ومنها:
1. الاستئثار بالمال والثروة
أن ينفرد الشخص بماله وثروته ولا ينفق منها على المحتاجين والمساكين، أو أن يمنعها عن ورثته الشرعيين.
2. الاستئثار بالعلم والمعرفة
أن يحتكر الشخص العلم والمعرفة ويرفض مشاركتها مع الآخرين، أو أن يستخدمها لأغراض شخصية دون مراعاة لمصلحة المجتمع.
3. الاستئثار بالسلطة والنفوذ
أن يستأثر الشخص بالسلطة والنفوذ ويستخدمها لتحقيق مصالحه الخاصة على حساب مصالح الآخرين.
4. الاستئثار بالفرص والامتيازات
أن يستغل الشخص منصبه أو نفوذه للحصول على الفرص والامتيازات دون مراعاة لحقوق الآخرين أو كفاءتهم.
5. الاستئثار بالحب والاهتمام
أن يحتكر الشخص الحب والاهتمام لنفسه ويمنع الآخرين من الحصول على نصيبهم منه، وذلك من خلال إهمالهم وعدم إظهار المودة لهم.
6. الاستئثار بالطعام والشراب
أن يأخذ الشخص أكثر من حاجته من الطعام والشراب ويمنع الآخرين من الانتفاع بما تبقى، ولا سيما في أوقات الشدة والفاقة.
7. الاستئثار بالمناصب والوظائف
أن يستأثر الشخص بالمناصب والوظائف دون مراعاة لكفاءة الآخرين أو أحقيتهم فيها، وذلك من خلال التزوير أو المحسوبية أو الواسطة.
أضرار الاستئثار
يترتب على الاستئثار العديد من الأضرار التي تعود على الفرد والمجتمع، ومن أبرز هذه الأضرار:
1. إثارة الحقد والضغينة
فإن الاستئثار يولد الحقد والضغينة في قلوب المحرومين والمظلومين، وقد يؤدي ذلك إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية ونشوب الصراعات.
2. إضعاف التكافل الاجتماعي
إن الاستئثار يقضي على مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يحث عليه الإسلام، ويزرع في نفوس الناس الأنانية واللامبالاة.
3. زعزعة الثقة بين الناس
فإن الاستئثار يقوض الثقة بين الناس ويجعلهم يشكون في نوايا بعضهم البعض، مما يؤدي إلى ضعف الروابط الاجتماعية.
4. إهدار الحقوق
إن الاستئثار يؤدي إلى إهدار حقوق الآخرين ومنعهم من الحصول على ما يستحقونه، مما ينافي مبادئ العدل والمساواة التي يدعو إليها الإسلام.
5. حرمان المجتمع من الكفاءات
فإن الاستئثار بالمناصب والوظائف على غير أهلها يحرم المجتمع من الاستفادة من الكفاءات والخبرات المتميزة.
6. إعاقة التنمية والتقدم
إن الاستئثار بالمال والثروة والمعرفة يعرقل التنمية والتقدم المجتمعي ويحول دون تحقيق الازدهار المنشود.
7. عذاب الله تعالى
لقد حذر الله تعالى المستأثرين من عذابه الشديد في الدنيا والآخرة، فقال تعالى: (ولا تستأثر عليه بشيء يسودوك يوم القيامة).
كيفية تجنب الاستئثار
إن تجنب الاستئثار يتطلب من المسلم أن يتحلى بالعديد من الصفات والخصال، ومن أبرزها:
1. الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر
فإن الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر يمنع المسلم من الاستئثار لأنه يعلم أن الله تعالى مطلع على كل شيء ومحاسب عليه.
2. الرضا بقضاء الله وقدره
فإن الرضا بقضاء الله وقدره يجعل المسلم قانعاً بما قسمه الله تعالى له، ولا يحسده على ما رزق به غيره.
3. حب الخير للآخرين
فإن حب الخير للآخرين يمنع المسلم من الاستئثار لأن فيه إيثار للغير وتقديم مصلحتهم على مصلحته.
4. البذل والعطاء
فإن البذل والعطاء يُزكي النفس ويطهرها من صفة الاستئثار ويجعل صاحبها محبوباً بين الناس.
5. التواضع
فإن التواضع يمنع المسلم من التفاخر بما لديه ويجعله يشعر بأنه لا يستحق الاستئثار على غيره.
6. العدل والإنصاف
فإن العدل والإنصاف يمنعان المسلم من ظلم الآخرين والاستئثار على حسابهم.
7. محاسبة النفس
فإن محاسبة النفس تساعد المسلم على اكتشاف صفة الاستئثار في نفسه والعمل على التخلص منها.
الخاتمة
إن الاستئثار من الصفات الذميمة التي نهى عنها الإسلام وحذر منها، لما لها من أضرار بالغة تعود على الفرد والمجتمع، لذا فإن على المسلم أن يتحلى بالعديد من الصفات والخصال التي تمنعه من الاستئثار وتحفزه على البذل والعطاء وإيثار الآخرين على نفسه.