( المسلم يؤدي الزكاة طلباً للرياء والسمعة صح أم خطأ )
المسلم يؤدي الزكاة طلباً للرياء والسمعة صح أم خطأ
مقدمة
الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، وهي عبادة مالية واجبة على كل مسلم قادر، تؤدى تطهيراً للنفس والمال، وصلة بين الأغنياء والفقراء، وإعانة للمحتاجين. فمن أدى زكاته لله تعالى، بنية خالصة وقصد صحيح، أجزاه الله تعالى، وكتب له أجرها في الآخرة. ومن أدى زكاته رياء وسمعة، فإن ماله ينمو في الدنيا فقط، لكنه يلقى عقاب الله تعالى في الآخرة على رياءه وسمعته. والله عليم النيات، لا تخفى عليه خافية.
حكم أداء الزكاة رياء وسمعة
أجمع العلماء على أن أداء الزكاة رياء وسمعة حرام شرعاً، ولا تجوز الزكاة بذلك. بل إن من فعل ذلك فقد أتى كبيرة من الكبائر، وأفسد أجره، وحبط عمله، واستحق عقاب الله تعالى في الآخرة. قال تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف: 110]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المنان بما أعطى، والمدعي لما لم يعط، والمتصدق رياء”. رواه مسلم.
دليل تحريم أداء الزكاة رياء وسمعة
ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية أدلة كثيرة تحرم أداء الزكاة رياء وسمعة، منها:
1. قال الله تعالى: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [البقرة: 270-271].
2. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي. للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك”. رواه مسلم.
3. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من تصدق بصدقة قدر نواة من تمر، من كسب طيب، إلا أخذها الله بيمينه، فيربيها كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون مثل الجبل”. رواه الترمذي.
أسباب أداء الزكاة رياء وسمعة
قد يدفع الإنسان إلى أداء الزكاة رياء وسمعة أسباب عديدة، منها:
1. ضعف الإيمان: ضعف إيمان المسلم بالله تعالى، وجهله بالبعث والحساب، وظنه أن الله تعالى لن يعاقبه على رياءه وسمعته.
2. حب المدح والثناء: حب الإنسان للمدح والثناء من الناس، وإعجابه بنفسه وبما يفعل، فيؤدي الزكاة ليلتفت إليه الناس، ويثنوا عليه، ويقولوا عنه أنه كريم وسخي.
3. الخوف من الناس: خوف الإنسان من الناس وعتابهم له، فيؤدي الزكاة ليتخلص من لومهم وعتابهم، وليكسب رضاهم.
4. الرياء الاجتماعي: رياء الإنسان بالزكاة في المجتمع، لإظهار أنه كريم وسخي، وأن له مكانة اجتماعية مرموقة.
5. العادات والتقاليد: قد يعتاد الإنسان على أداء الزكاة رياء وسمعة، فيؤديها تقليداً لغيره، أو إتباعاً للعادات والتقاليد، دون أن يتفكر في حقيقة الزكاة وفضلها.
مخاطر أداء الزكاة رياء وسمعة
يترتب على أداء الزكاة رياء وسمعة مخاطر عظيمة، منها:
1. بطلان الزكاة: تبطل زكاة من أدى زكاته رياء وسمعة، ولا تجزئه، ولا يبرأ بها ذمته.
2. غضب الله تعالى: يغضب الله تعالى على من أدى زكاته رياء وسمعة، ويحبط عمله، ويستحق عذاب الله تعالى في الآخرة.
3. حرمان الأجر: يحرم من أدى زكاته رياء وسمعة أجر الزكاة في الآخرة، ولا يثاب عليها.
4. النفاق: قد يؤدي أداء الزكاة رياء وسمعة إلى النفاق، فينافق الإنسان ربه تعالى، ويظهر للناس أنه عامل لله تعالى، وهو في الحقيقة عامل لغير الله تعالى.
5. زيادة العصيان: أداء الزكاة رياء وسمعة يزيد في معاصي الإنسان، فإذا فعل الإنسان معصية أخرى، استطاع الشيطان أن يقول له: إنك تصدقت وتفعل الخير، فيغتر الإنسان بما يفعل، ويستمر في معاصيه.
علامات أداء الزكاة رياء وسمعة
تظهر على من أدى زكاته رياء وسمعة علامات يعرف بها، منها:
1. الإعلان عن الزكاة: يعلن عن زكاته في الناس، ويخبر بها الأقارب والأصدقاء والجيران، ليعلم الناس أنه أدى زكاته.
2. التفاخر والتباهي: يتفاخر ويباهي بأدائه للزكاة، ويذكرها في كل مناسبة، ويقول أنا أديت زكاتي وأنت لم تؤد زكاتك.
3. التعالي على الفقراء: يتعالى على الفقراء والمساكين، ويمن عليهم بما أدى إليهم من زكاة، ويقول أنا أعطيتك زكاتي وأنت لم تعطيني.
4. طلب الشكر والثناء: يطلب الشكر والثناء من الناس على أدائه للزكاة، ويغضب إذا لم يشكره أحد على ما فعل.
5. الغضب عند عدم المدح: يغضب ويضيق صدره إذا لم يمدحه الناس على أدائه للزكاة، ويقول أنا أعطيتك زكاتي ولم تشكرني عليها.
طرق تجنب أداء الزكاة رياء وسمعة
يمكن للمسلم تجنب أداء الزكاة رياء وسمعة باتباع الطرق التالية:
1. الإخلاص لله تعالى: أن يكون المسلم مخلصاً لله تعالى في أدائه للزكاة، لا يريد بذلك وجه أحد من الناس.
2. إخفاء الزكاة: أن يخفي المسلم زكاته عن الناس قدر الإمكان، ولا يعلن عنها أو يتباهى بها.
3. أداء الزكاة دون مقابل: أن يؤدي المسلم زكاته دون أن ينتظر من الفقراء والمساكين أي مقابل أو شكر أو ثناء.
4. عدم التفاضل بين الفقراء: أن لا يفضل المسلم بعض الفقراء والمساكين على بعض في أداء الزكاة، ولا يفرق بينهم في العطاء.
5. الدعاء: أن يدعو المسلم الله تعالى أن يرزقه الإخلاص في أقواله وأفعاله، وأن يجعله من المتقين الصادقين.