( في بعض الأحيان كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي أكثر من صلاة بوضوء واحد صح أم خطأ )
في بعض الأحيان كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي أكثر من صلاة بوضوء واحد صح أم خطأ
مقدمة
يعد الوضوء أحد أركان الصلاة الخمسة، وهو شرط لصحتها، حيث قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (المائدة: 6).
وقد اختلف الفقهاء في جواز الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد، فذهب الجمهور إلى أنه لا يجوز الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد، إلا إذا كان هناك عذر شرعي، كأن يكون في سفر أو مرض أو نحو ذلك. بينما ذهب بعض الفقهاء إلى جواز الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد، مطلقًا، سواء كان هناك عذر أم لا.
أولاً: أدلة القائلين بعدم جواز الجمع
استدل القائلون بعدم جواز الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد بالأحاديث الواردة في هذا الباب، ومنها:
حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوء واحد (رواه البخاري ومسلم).
حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر في السفر والمطر (رواه البخاري ومسلم).
حديث جابر رضي الله عنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوء واحد (رواه ابن خزيمة).
وهذه الأحاديث تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يجمع بين أكثر من صلاتين بوضوء واحد، إلا في حالات خاصة، مثل السفر والمطر.
ثانيًا: أدلة القائلين بجواز الجمع
استدل القائلون بجواز الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد بالأحاديث الواردة في هذا الباب، ومنها:
حديث علي رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعًا بوضوء واحد (رواه أحمد).
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعًا بوضوء واحد (رواه الدارقطني).
حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان ركعات بوضوء واحد (رواه الدارقطني).
وهذه الأحاديث تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين أكثر من صلاتين بوضوء واحد، مطلقًا، سواء كان هناك عذر أم لا.
ثالثًا: أقوال الفقهاء في الجمع
اختلف الفقهاء في جواز الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد على أقوال كثيرة، منها:
القول الأول: لا يجوز الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد، مطلقًا، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
القول الثاني: يجوز الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد، مطلقًا، وهذا مذهب بعض الظاهرية.
القول الثالث: يجوز الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد، بشرط أن يكون الجمع بين الصلاتين المقرونتين، مثل الظهر والعصر أو المغرب والعشاء، وهذا مذهب بعض الشافعية والحنابلة.
القول الرابع: يجوز الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد، بشرط أن يكون الجمع في وقت إحدى الصلاتين، مثل أن يصلي الظهر والعصر في وقت الظهر، أو المغرب والعشاء في وقت المغرب، وهذا مذهب بعض الحنابلة.
رابعًا: الأدلة على عدم صحة الجمع
استدل من قال بعدم صحة الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد بالأدلة التالية:
أولًا: قوله تعالى: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (المائدة: 6)، وقد جعل الله الوضوء شرطًا لصحة الصلاة، ولم يجزئ وضوء واحد لأكثر من صلاة.
ثانيًا: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوء واحد (رواه البخاري ومسلم)، وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يجمع بين أكثر من صلاتين بوضوء واحد.
ثالثًا: أن الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد يؤدي إلى التهاون في العبادة، وإلى ترك سنة الوضوء قبل كل صلاة.
خامسًا: الأدلة على صحة الجمع
استدل من قال بصحة الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد بالأدلة التالية:
أولًا: حديث علي رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعًا بوضوء واحد (رواه أحمد)، وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين أكثر من صلاتين بوضوء واحد.
ثانيًا: أن الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد لا يؤثر على صحة العبادة، لأن الوضوء شرط لصحة الصلاة، وقد توضأ الرسول صلى الله عليه وسلم مرة واحدة، وصلى أكثر من صلاة.
ثالثًا: أن الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد فيه تيسير على المسلمين، خاصة في السفر والحالات التي يصعب فيها الحصول على الماء.
سادسًا: حكم الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد في الحالات الخاصة
يجوز الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد في الحالات الخاصة، مثل السفر والحالات التي يصعب فيها الحصول على الماء، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، وقد استدلوا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر في السفر والمطر (رواه البخاري ومسلم).
ويجوز الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد أيضًا في الحالات التي يصعب فيها القيام إلى الوضوء، مثل المرض والشيخوخة، وهذا مذهب جمهور الفقهاء أيضًا.
سابعًا: شروط الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد
يشترط لصحة الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد الشروط التالية:
أولًا: أن يكون الجمع بين الصلاتين المقرونتين، مثل الظهر والعصر أو المغرب والعشاء.
ثانيًا: أن يكون الجمع في وقت إحدى الصلاتين، مثل أن يصلي الظهر والعصر في وقت الظهر، أو المغرب والعشاء في وقت المغرب.
ثالثًا: أن لا يبطل الوضوء بين الصلاتين، بأن يحدث