( حكم الهدية لغير المسلم )
حكم الهدية لغير المسلم
المقدمة
الهدية من الأعمال المحببة في الإسلام، وهي من شعائر التواد والتآلف والرحمة بين أفراد المجتمع، فقد حث الإسلام على التهادي لما فيها من تقوية الأواصر وإزالة الشحناء وإشاعة الود والترابط بين الناس.
أحكام الهدية لغير المسلم
1- جواز إهداء المسلم لغير المسلم
أجمع الفقهاء على جواز إهداء المسلم لغير المسلم؛ لقوله تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (التوبة: 6).
دلَّت هذه الآية على جواز إحسان المسلم لغير المسلم، وكل ما هو جائز إحسانه إليه يجوز إهداؤه له.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تهادوا تحابوا». وهذا عام في كل من المسلم وغير المسلم.
2- عدم وجوب قبول الهدية من غير المسلم
لا يجب على المسلم قبول هدية غير المسلم، وإنما له الخيار في قبولها أو ردها، وذلك لقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ (الأنعام: 121).
في هذه الآية نهي عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، والهدية من غير المسلم قد تكون مما لم يذكر اسم الله عليه.
كما أن قبول الهدية من غير المسلم قد يفهم منه قبول دينه، وهذا لا يجوز للمسلم.
3- جواز قبول الهدية من غير المسلم إذا كانت مباحة
يجوز للمسلم قبول هدية غير المسلم إذا كانت مباحة، أي غير محرمة في الإسلام، وذلك لقوله تعالى: وَحِلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا (البقرة: 275).
فكل ما أباحه الله فهو حلال، ويجوز للمسلم أخذه والانتفاع به.
ومثال على الهدية المباحة من غير المسلم: الطعام والشراب والألبسة والمال.
4- عدم جواز قبول الهدية من غير المسلم إذا كانت محرمة
لا يجوز للمسلم قبول هدية من غير المسلم إذا كانت محرمة في الإسلام، وذلك لقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ (الأنعام: 121).
فكل ما حرمه الله فهو حرام، ويحرم على المسلم أخذه أو الانتفاع به.
ومثال على الهدية المحرمة من غير المسلم: الخمر ولحم الخنزير والأصنام والأدوات الموسيقية.
5- جواز قبول الهدية من غير المسلم إذا كان قريباً
يجوز للمسلم قبول هدية من غير المسلم إذا كان قريباً له، كالزوج والأبناء والآباء والإخوة والعم والخال.
وذلك لقوله تعالى: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ (التوبة: 37).
إذا جاز إطعام الأقارب غير المسلمين وهم في حالة الكفر، فيجوز قبول الهدية منهم وهم في غير حالة الكفر.
6- عدم جواز قبول الهدية من غير المسلم إذا كان عدواً
لا يجوز للمسلم قبول هدية من غير المسلم إذا كان عدواً محارباً له، وذلك لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ (النساء: 144).
ومعنى “الأولياء” هنا: النصراء والأنصار والمحبون.
فدلَّ ذلك على أنه لا يجوز للمسلم أن يتخذ الكافر محبوباً له، فمن باب أولى ألا يقبل هديته.
7- جواز إهداء غير المسلم للمسلم
يجوز لغير المسلم أن يهدي للمسلم، وذلك لقوله تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ (التوبة: 11).
فإذا تاب غير المسلم وأقام الصلاة وآتى الزكاة، فهو أخ للمسلم في الدين، فيجوز للمسلم قبول هديته.
كما يجوز للمسلم قبول هدية غير المسلم إذا كانت مباحة ولم يكن في قبولها ما يخالف شرع الإسلام.
الخاتمة
يتضح مما سبق أن حكم الهدية لغير المسلم يختلف باختلاف حال المعطي والمهدى إليه، وبحسب نوع الهدية. فإذا كانت الهدية مباحة ولم يكن في قبولها ما يخالف شرع الإسلام، فيجوز للمسلم قبولها. أما إذا كانت محرمة أو كان المعطي عدواً محارباً، فلا يجوز للمسلم قبولها.